المقالات

قضاء تحت المجهر

لقد كان (م) يعمل موظفاً لدى جمعية (أ) وكان مركز الجمعية ومكتب عملها في دار استاجرتها الجمعية من صاحبها وكان الايجار مكلفا للجمعية بحيث لم تعد قادرة على تسديده،كانت الجمعية تمتلك قطعة ارض ولم تكن تمتلك الامكانية المادية الكافية لبناء مكاتب لنشاطها وعملها على ارضها، فعرضت رغبتها بتبديل قطعة ارضها بدار لكي تتمكن من جعل الدار مكتب ومركز نشاط الجمعية،وباعتبار ان (م) موظف لدى الجمعية عرض على الجمعية تبديل دار يعود لأحد أقرباءه بقطعة الارض العائدة للجمعية وبعد اتصالات ومناقشات ومفاوضات مستمرة بين (م) ومجلس إدارة الجمعية ورئيس الجمعية وقيام لجنة مشكلة في الجمعية بمتابعة الموضوع ومشاهدة الدار ومشاهدة قطعة الارض،طلبت الجمعية من جهات رسمية مختصة قانونا تقدير قيمة الأرض وقيمة العقار وبالفعل قامت تلك الجهات بالمهمة وأجرت مقارنة وموازنة بين قيمة العقارين حسب الأصول والقوانين ولم يكن في الأستبدال أي غبن أو ضرر للجمعية،وافق مجلس إدارة الجمعية ورئيسها على إجراء إستبدال أرضها مع الدار العائدة لقريب (م) وتم تخويل رئيس الجمعية بموجب تخويل قانوني وتوكيل خاص على اجراء عملية التبادل كما أن قريب (م) خوله ووكله أيضاً بذلك،وجرت عملية تحويل ملكية الدار باسم الجمعية وتحويل ملكية الارض باسم صاحب الدار قريب (م) وتم كل ذلك بصورة قانونية واصولية ورسمية لدى الجهات المختصة وعلى أساس كتب ومحاضر رسمية.إلا أن احدى الجهات التنفيذية تدخلت في عملية الإستبدال ورفضت كل ذلك دون أن تكون طرفاً في الموضوع، وطلبت إتخاذ إجراءات قضائية بحق (م) وقريبه وتم اصدار مذكرة أمر قبض قضائي بحق (م) وقريبه دون وجه او سند من القانون ومن دون أن يكون في القضية أي مشتكي حيث لم يقدم اي طرف شكوى بحق (م) او بحق قريبه وان الشكوى قدمتها الجهة التنفيذية من دون ان تكون طرفا في الموضوع او تكون لها مصلحة بالموضوع.وتم القبض على (م) واودع في التوقيف على ذمة قضية تحقيقية وبعد مضي حوالي عشرة أيام على توقيفه أجبر تحت الضغط والتهديد والإكراه على التنازل عن قطعة الارض وهي ملكه ومسجل بأسمه بموجب سند رسمي صادر من مديرية التسجيل العقاري المختصة حيث تم احضاره مكبلاً بالقيود الى الدائرة التسجيل العقاري المختصة وتم اجباره بالتنازل عن ملكية الأرض دون أي وجه حق وبشكل مخالف للقانون وبعد تنازله تم في نفس اللحظة اطلاق سبيله من التوقيف،ورغم طلب (م) المتكرر من الجهات التحقيقية مفاتحة الجمعية والوقوف على رايها ورأي مجلس إدارتها وهل قدمت شكوى بحق (م) من عدمه إلا ان طلبه اهمل ولم يؤخذ بنظر الإعتبار، وتم إدانة (م) وقريبه والحكم عليهما.تساؤلات كبيرة وإجراءات غير قانونية على المحك.هل يجوز إتخاذ إجراءات قانونية بحق شخص من دون أن يكون في القضية مشتكي؟هل يجوز اجبار شخص على التنازل عن ملكه؟هل بامكان هذا الشخص الطعن في عملية التنازل عن ارضه مستقبلاً كون التنازل جرى دون ارادته وتحت الاكراه؟هل يجوز الطعن في سندات التسجيل العقاري بغير التزوير؟ وهل يجوز حرمان شخص من حريته والقبض عليه وتوقيفه في هكذا حالة؟إذا كانت عملية البيع والشراء برضا وموافقة الطرفين وهما بكامل أهليتهما ودون ضغط أو إكراه هل يجوز قانوناً لطرف آخر لايربطه أية علاقة أو مصلحة بالبيع أن  يمنع من تحقق إرادة ورغبة الطرفين حتى وإن كانت جهة حكومية؟أين هي قدسية الملكية، وأين هو سلطان الإرادة؟ما هو مصير دار قريب (م) بعد أن تنازل عن الأرض؟من هو المستفيد من إلغاء عملية البيع والشراء الذي تم بين قريب (م) والجمعية؟كان بإمكان الجهة التنفيذية إن كانت صاحبة مصلحة أن تلجأ الى المحاكم المدنية دون الجزائية. ...

شروط صحة وصل الأمانة

الشروط القانونية لصحة وصل الأمانة كأداة تعامل·      وصل الأمانة تعتبر من المحررات التي يتم التعامل بها بين الناس وكثيراً ما تستعمل في المحاكم شروط صحة وصل الامانة كأداة لشكوى جزائية ويثور حول وصل الأمانة جدل حول متى وكيف يشكل التمسك بوصل الأمانة أمام السلطة التحقيقية أساساً لشكوى جزائية ومتى وكيف يعتبر وصل الأمانة أساساً لدعوى مدنية.·      إن قانون العقوبات النافذ نص صراحة في المادة (453) عقوبات جزائية تصل الى الحبس والغرامة وقد تصل العقوبة الى السجن لمدة (7) سنوات في حالات محددة بالقانون وتتضمن أيضا الغرامة أو الحبس والغرامة، لكل من خان الأمانة.·      لم يحدد المشرع الامانة ولاتحديد خيانة الأمانة على سبيل الحصر ويتم تحديدهما حسب ظروف القضية المنظورة وأمر ذلك متروك لتقدير المحاكم، وكثيرا ما أعتبرت المحاكم بأن المطالبة القضائية الناشئة عن وصل أمانة قضية حقوقية مدنية لاتتضمن عنصر لشكوى جزائية ما يتسبب في حرمان صاحب وصل الأمانة من طريق ووسيلة مهمة ومختصرة لتحصيل حقوقه.·      ولتلافي ذلك يجب أن تتوفر في وصل الأمانة شروط وظروف معينة على المتعاملين توخي الحذر والدقة عند التعامل بوصل الأمانة ونوصي المتعاملين بعدم إستخدام وصل الأمانة لضمان دين لأنه بإمكان المدين إثبات العلاقة المدنية بينه وبين الدائن وبالتالي يفقد وصل الأمانة العنصر الجزائي وتتحول الشكوى الى دعوى دين....

كيف نقضي على الفساد

وجهة نظر حول نشؤ وتحول ظاهرة الفساد؟الحلقة الأولى: إن الظروف التي مر بها العراق عموماً وكوردستان خصوصاً كانت السبب وراء الكثير الكثير من المشاكل الأقتصادية والأجتماعية والسبب وراء تغيّر كبير في النظرة الفكرية السوية الى الأمور وتغيّر النظرة الى مضمون ومقاصد ومعاني كلمات عديدة نذكر منها هنا على سبيل المثال لا الحصر معاني كلمة الأحترام والكرامة والتقدير وإحترام الذات وإحترام الكلمة والوعد والعهد والتعهد...الخإن كثيرين منّا ربما يتذكرون أو ورد الى مسامعهم قبل زمن ليس ببعيد بأنه كانت للكلمة والتعهد والوعد و(الوعيد) إعتباره وتقديره فقد كان الفرد مسؤولاً ومقيداً مع نفسه عما تصدر منه من وعود أو عهود وكانت فضيحة الفضائح أن ينكل عما تعهد به وكانت أغلب الأمور تسوى شفاهاً بالأعتماد على إتفاق بين شخصين على أمر ما، يشهد عليه شهود أو ربما بلا شهود فقد كان الرجل يلتزم بكلمته حفاظاً على رجولته شرفه وكرامته وإحترامه أمام نده الرجل الذي تعاقد معه أو تعهد له، حيث كانت الحياة بسيطة تتمثل بساطتها ببساطة تعامل الناس مع بعضها مستندين أساساً على محافظة الرجل على رجولته وكرامته وشرفه وسائر القيم الأخلاقية والأجتماعية التي كانت بحق محرك ومنظم المجتمع، لقد كان الأنسان عزيزاً على نفسه، ويعز عليه أن يخلف كلمته.لقد أفرزت هذه المعادلة البسيطة جداً والحكيمة جداً معادلة إجتماعية وحياتية بسيطة جداً نشأ وترعرع عليها شعب بأصوله عريقة يكفيه أنه صاحب ملحمة ((مه م وزين))..........إن هذه البساطة وجوانبها البسيطة التي نحن بصددها والتي عاشها الناس تعود الى فترة قريبة ربما لاتتجاوز الخمسون عاماً الماضية، وكلنا نتذكرها، وهي في الحقيقة تمتد الى آلاف السنوات الماضية.إلا أنه وبمرور الزمن والتطور السريع في أسلوب الحياة على كافة الأصعدة أو بمعنى آخر بعد النهج الغريب في أسلوب حياتنا والتضخم غير الحقيقي والواقعي لمتطلبات وحاجات حياتنا اليومية الناجمة بالتأكيد عن الحروب وعدم الأستقرار السياسي والأجتماعي والأقتصادي التي مر بها العراق والتي سببت تذبذبات وتحولات وهجرات من القرية الى المدنية أدت الى إختلاطات وفوضى وعدم إستقرار وويلات عانها الشعب المغلوب على أمره.وبدورها أدت هذه الى حدوث تطورسايكولوجي أو بمعنى أصح تحول سلبي عميق في شخصية ونفسية وكيان وعواطف ومشاعر وإطار وطريقة عيش الأنسان العراقي بصورة قلبت معها الأمور رأساً على عقب وغيرت وعكست الكثير من المفاهيم الصحيحة العريقة التي ورثها وعهدها رأساً على عقب. مما نتج عن ذلك تحول القيم والمعايير والظوابط المعتمدة سابقاً بحيث ما عادت قادرة لدى الكثيرين على الوقوف ومواجهة التغيير السلبي الرجعي السريع. فلم تتمكن هذه القيم العريقة الموروثة منذ القدم والتي ترعرعت عليها أجيال وأجيال، من الصمود أمام التغيرات السريعة والمتلاحقة إلا لدى البعض. وكأن موجات الموديلات المتجددة سريعاً في الملبس ومظاهر الحياة المادية قد شملت القيم والأخلاق والأعتبارات بالتالي لم يعد للعهود والمواثيق والوعد والكلام الذي يصدر عن الفرد ذلك الأعتبار والأحترام والألتزام الذي عهده أسلافنا وأصبحت حالات الخرق والنكول بها أكثر بكثير من حالات إحترامها، مما أدى الى هروب وعزوف أصحاب الأخلاق وأبناء العوائل المرموقة الكريمة والمحترمة والعريقة عن واجهة ومعترك الحياة... لتحل محلها بعضاً من أرذل خلق الله وبعض العوائل التي كانت الى قبل سنوات في الدرك الأسفل من الإنحطاط والرذيلة (وما زالوا) وربما الزمن المتقلب كفيل بكشف حقيقتهم وزورهم ...وهذا ما سبب إنهيار الثقة بين الناس شيئاً فشيئاً ولم يعد بامكان الشخص أن يأتمن على عهد ووعد أخيه وصديقه وجاره وقريبه فما بالك بالغريب... وفجأة لم يعد للوعد أو العهد قيمة أو إعتبار إلا ما ندر ولم يعد حياءً أن ينكث الشخص بما تعهد به ولم يعد المجتمع ينبذه أو يجافيه أو يطرده أو ينفيه كما كان سابقاً بل على العكس بات هذا الشخص من وجهة نظر البعض محبوباً يوصف بالذكاء والشطارة والقدرة على التنصل والأحتيال والمماطلة وأصبح مدار إعجاب الناس الخفيفة ولم تعد الناس تتجنبه كما كان بل على العكس تماماً يكثر أصدقاءه وربما يحاول الكثيرين مصادقته وملازمته علهم يتعلمون شيئاَ من فنونه في التنصل والنكث بالوعود وتحقير ذاته ونفسه بنفسه. إننا أمام حالة وواقع إجتماعي غريب وخطير يرثى له حيث إنقلبت الأمور على رأسها فقد عالى أغلب ما هو سافل وداني ومنحط وأبعد كل ما هو جيد وحسن. وتداخلت في العلاقات الأجتماعية أغلب ما هو سيء وخرج منها أغلب ما هو جيد. ولم يعد هنالك ثوابت إجتماعية تجعل الحياة مستقرة الى حد تستطيع معه الفئات الأجتماعية المسحوقة والفقيرة من العيش بكرامة وعفاف ودخل الواقع الأجتماعي تجاذبات وتفاعلات ومصالح مادية صرفة جعلت من الفساد والمفسيدين وتحقير النفس هي الحالة العامة والغالبة أما الكرامة والعفة والغيرة وإحترام النفس والغير وتقدرير المشاعر الأنسانية أصبحت حالة عتيقة عقيمة غريبة عن المجتمع وإستثناء على الحالة العامة. فعند مراجعة أحد الأشخاص من الطبقة المسحوقة الفقيرة لبعض من الدوائرة الحكومية تجد أن موضوعه يعلق ويتم تأخيره في قاعات الأنتظار والأستقبال وغرف السكرتيرات الجميلات الرشيقات الجالسات أمام أجهزة كومبيوتر متطورة جداً لأغراض ألعاب الكومبيوتر وفي النهاية ينتهي دوام المدير أو فجاة يترك المدير ساعات الدوام الرسمي المخصصة لخدمة الناس، لغرض الأجتماع في دائرة أخرى ويضطر المواطن البائس المسحوق والمغلوب على أمره بالعودة الى داره (إن كان له دار) خالي اليدين . في حين تجد أن قامات بعض المدارء تتهاوى من شدة إنحنائها أو إنحدارها وإنحطاطها أمام شخص من طبقات أخرى ولاتكاد إبتسامات التزلف ولاكلمات الثناء والمديح المنمقة تفارق لسانه.وتأسيساً على ما آلت إليه الأمور من إنهيار في الثقة وهدر في احترام المبادئ القيمة العظيمة والموروث الأخلاقي العظيم والواقع الأليم والذي أوردت القليل منه في السطور السابقة برزت الى الوجود ظاهرة تسمى بالفساد.فبإنهيار الثقة بين الناس جراء إنحطاط القيم وأجهزة الرقابة والقهر الأجتماعية بسبب التضخم الأقتصادي الناجم عن الظروف السياسية التي مر بها العراق كل هذه الأمور أفرزت ظاهرة الفساد وقد تسللت هذه الآفة الى العديد من أجهزة الدولة المختلفة وهو الأخطر ولابد من معجزة وإلا إحترق الأخضر مع اليابس. المحاميرخشان رشيد آميدي ملاحظة: للكاتب مقالات عديدة في مجلة متين الغراء في سنة 1994و1995 تحت أسم حركي ( زانكو آميدي )...

الحلقة الثانية من مقال كيف نقضي على الفساد

الحلقة الثانية:-اليوم تعاني شعوب ومجتمعات أخرى عريقة وقديمة من مسألة الفساد كلفتهم هذه الظاهرة ضياع نظالهم ودماء شهدائهم. شعوب لايقل نظالهم ولادماء شهدائهم التي أراقوها بحثاً عن حقوقهم وحريتهم عن دماء شهدائنا، إلا أنها ضاعت لا لشيء سوى لسبب واحد هو الفساد.لقد أصبحت ظاهرة الفساد على رأس جداول الأجتماعات والمؤتمرات والقمم وأصبح الحديث فيها عن كيفية القضاء على هذه الظاهرة قبل أن تقضي علينا فقد بلغت من الشدة بحيث باتت تهدد كيانات ومجتمعات عريقة وعظيمة.ورغبة في إضافة شيء يسير على الكثير مما قيل في هذا الموضوع نقول أن المعالجات لابد وأن تكون جذرية وعميقة للتخفيف من آثار آفة تؤرق العالم. والجذرية هنا لاتعني بالضرورة النظرة أو الزاوية الشمولية في معالجة مسألة معينة، ولايفترض بالحلول أن تحقق القضاء والمعالجة الكاملة وعملياً لايوجد حل يحقق القضاء الكامل 100%.ربما البدء بعملية تأهيلية تربوية علمية تدريجية مبنية على الوسائل المتاحة والظروف المتأتية قد يتأمل منها أن تحقق نتائج لابد وأن تكون سليمة وآمنة في الوقت نفسه طالما أن القائمين عليها موضوعيون ومتجردون همهم الصالح العام.إن المجتمعات الأنسانية خليط من أمور سيئة وجيدة وللحؤل دون أن تطغى السيئات من الأمور حسب معايير العصر، وحفاظاً على الأستقرار النسبي الأمثل للأمور وحرصاً على ضمان مسار العيش والحياة بأقل الخسائر وأفضل النتائج وأكثرها فائدة وفي سبيل التخفيف من عواقب مسألة الفساد والحد من آثارها وحصرها ضمن إطار لايمكن لها أن تهدد كياننا وإنجازات شعبنا هذا الشعب الذي ذاق محارق وويلات يستحق أن يهنأ بحياة كريمة. هذا الشعب الذي وصل أخيراَ الى طريق الحرية والأستقلال ... خصوصاً بعد أن إنبلجت غيوم الخوف والخشية السوداء القاتمة من سماء كوردستان ولم تبقى إلا البعض منها وسوف تنبلج مع الأيام بعون الله وعزيمة هذا الشعب الجبار ولم يعد الفرد الكوردي يخشى على حياته وحياة أطفاله وعائلته أو على ماله من هجمات أنظمة بائدة كما كان في السابق ولم يعد ملاذ الفرد الكوردي الآمن هو الحصول على فرصة إخراج عائلته الى أوربا أو أمريكا كما كان، علينا أمام هذا الواقع الجديد إعادة الأمور الى نصابها وعلى أصحاب القرار البدء بكل حزم وإرادة وبكل ما آتاهم الله من قوة بالضرب على أيدي الفساد وتدمير بنيانه وأسسه وتحطيم أركانه التي يحاول بنائه في كوردستان.  ربما ترسخ في العراق أسس لنظام سياسي قد يصبح واعداً للشعب الكردي وبصورة مختلفة كل الأختلاف عما سبق. فقد تعرفت قضية هذا الشعب بمآسيها للعالم وإعلامه وبات كيانه مكفلاً ومصوناً من القانون الدولي والأممي إضافة الى دستور العراق، ربما لم يعد للخشية على كيان ووجود شعب كوردستان مايبرره ولم تعد لهذه الذريعة القديمة ما يبرر قبول فساد الحكام كما كانت الأمور في السابق. كفا مجالاً للفساد الذي أنهك وثبط كثيرأً من عزيمة الناس.يفترض بالبرلمان أن تكون له أجهزة رقابة فعالة جداً في مراقبة سلوك أعضائها وأجهزة رقابة فعالة أخرى في مراقبة سلوك الحكومة بأجهزتها المختلفة وأن تكون للحكومة أجهزة رقابة فعالة جداً في مراقبة سلوك أعضائها.لابد من تغيير كلي وجذري في أسلوب وميكانزما عمل الدوائر الحكومية ووضع رقابة قوية وحازمة على تأدية المدراء والموظفين لواجباتهم في خدمة المواطن بالأستعانة بالتكنلوجيا المتطورة.لابد من فرض وتفعيل أجهزة رقابة في تعامل الحكومة مع المواطنيين وأجهزة رقابة عمل أجهزة القضاء وتعاملها.تفعيل قوانيين خدمة مدنية ووظيفية وعمالية، تتوائم مع روح وتعقيدات العصر...منح الفسحة والفرصة الكاملة للأعلام للقيام بدوره الرقابي للوقوف على الخروقات وحالات الفساد المستشرية والوصول الى مرتكبيها ووضع اليد عليهم بدون أي تحفظ أو إستثناء لأي كان مهما كانت مرتبته، والحرص الشديد على العلانية عند إحضارهم أمام دور العدالة لينالوا جزائهم العادل على إستهتارهم بالناس وأموالهم وإستغلالهم لمراكزهم ومناصبهم والمحسوبية والمنسوبية التي يمارسونها مع أبناء جلدتهم. وهنا نركز على دور الأعلام الذي يمكن الأعتماد عليه كثيراً لأن الأجهزة الأخرى والتي يفترض بها أن تقوم بدورها الفاعل في محاربة الفساد خائرة القوى وربما طالتها الفساد أيضاً فعند تتبع حالات الفساد التي تضبط وتحاسب والعقوبات التي تفرض على المتورطين فيها تجد أنها تشجع الفساد أكثر مما تحد منها وتجعل مرتكبيها عبراً لغيرهم. إننا أمام حالة تشائمية لأكثر المتفائلين عند ملاحظة الدور الذي تلعبه هذه الأجهزة في خدمة المواطن. ولابد من ثورة أو إنتفاضة ... قانونية وقضائية وإدارية وثقافية وإجتماعية... لنتفائل بالمستقبل.قبل فترة وقبل التحولات السياسية التي طفت مؤخراً وبعدها أيضاً كان الحديث يدور حامياً حول محاسبة المتورطين في الفساد أو إتخاذ إجراءات معينة بحق البعض وكان ومازال الحديث حامياً الى درجة صدقه البعض إلا أنها كانت كما هو الحال زوبعة في فنجان بل أنها ربما ساهمت في تعزيز قوى الفساد وقوّت شوكتهم وربما أخذت أعمالهم طابعاً أكثر علانية وشراسة وشراهة بعد أن تيقنوا عجز الأجهزة المسؤولة عن محاسبتهم أو أنهم ضمنوا شرها لأن بعض القائمين على أجهزة مراقبة ومتابعة الفساد أصبحوا عبئاً على الأعباء ..؟؟؟ااا.وكأن هنالك من يحرك الأمور ويدفع بها الى ترويج الفساد وإستباحة المال العام وحقوق المواطنين وتحميل المواطن إلتزامات ورسوم وضرائب وأجور خدمية لمصلحة الدولة وأجهزتها وحرمانه من أبسط حقوقه الدستورية والقانونية المفروضة له على دولته بإعتبار أن الشعب هو مصدر سلطات الحكومة. بل إن الأمور لم تقف عند هذا الحد إنما وصلت في بعض الأوساط الى درجة أن منْ لايشترك في أعمال الفساد بات يبعد عن المسؤولية ويخفض مستوى مسؤولياته لكي تدفع به الأمور الى الأستقالة أو الهرب ..... فتفرغ الساحة لمجموعة معينة تتقلد الأمور وتغطي على بعضها البعض ويتمسكون بتقلد الأمور لحين وصولهم الى سن التقاعد الأجباري والحمد لله على هذا القانون ...ورب سائل يسال ما السبب وراء السكوت عن محاسبتهم؟!ربما السبب وراء عدم مسائلة ومحاسبة هؤلاء من قبل الدولة هو عدم إستقرار الوضع في العراق ولمدة طويلة. وخصوصية وحساسية الوضع السياسي في كوردستان فمن الخارج يتربص الأعداء من كافة الجوانب بالوضع السياسي للشعب الكوردي ومن الداخل فان بعض المتسلقين المتزلفين الأنتهازيين ومتحيني الفرص والذين أغلبهم كانوا ومازالوا من أعتى أعداء الشعب الكوردي في كافة مراحل نضاله بل إن أغلبهم كانوا من أشد المتعاونيين مع أعداء الشعب الكوردي  إن أمثال هؤلاء يستغلون وينتهزون الفرص ويتزلفون ويحطّون من أنفسهم ويبيعون ذاتهم ويتسلقون جهة سياسية دون أخرى ويتلونون كالحرباء باللون الذي يضمن لهم مصالحهم الذاتية والشخصية الضيقة دون أي إعتبار لأي شيء آخر سوى مصالحهم الأنانية والذاتية الصرفة.إن مثل هذه المتسلقات المتزلفة من أنواع البشر هم عماد وأركان ظاهرة الفساد وهم السبب الرئيسي وراء إستشراء ظاهرة الفساد وتدمير القاعدة الشعبية للجهة السياسية التي ينتمون إليها إن فداحة الأضرار التي تلحقها مثل هذه الفئة من المتسلقات الأنتهازية القذرة بالحركات الوطنية الجماهيرية المحبوبة تتجاوز كل التصورات فالدوائر المغلقة التي تنجح مثل هذه الفئات الأنتهازية الفاسدة الموبؤة في إنشائها داخل الحركة السياسية عبر الفساد والتهديد المالي والجنسي والرشاوي والقتل والمؤامرات الدنيئة تصل الى مستويات عالية تجعل من تلك الحركة السياسية التي ينتمون إليها رهينة محتجزة يحولونها الى آلة حركية حزبية سياسية يتحكمون بها ويحركونها كما تشتهي مصالحهم لتجد الحركة السياسية نفسها في مرحلة من المراحل بأنها أصبحت رهينة مختطفة محكومة بزمرة من المرتزقة عبيدو المال الذين طالما حاربتهم الحركة، وأن قيادة الحركة السياسية بريئة منهم...إن خطورة نتائج ظاهرة الفساد تكمن في عدم معالجتها وتركها تعمل على إنشاء دوائر وعصابات مغلقة. ومن يقرأ تأريخ صراع حكومات الولايات المتحدة الأمريكية مع عصابات المافيا التي أوشكت أن تختطف مقاليد الحكم وقوة تأثيرها على دوائر صنع القرار ربما يكون له وجهة نظر معينة في خطورة الحالة... وقوة المافيا التي قد نعاني منها قريباً جداً أو ربما نعانيها حالياً...فإذا كانت الظروف السياسية فيما سبق من وقت مانعاً وراء عدم الضرب على أيدي أركان الفساد والخشية من أن يستغل الأعداء أركان الفساد الذين يتم محاسبتهم، لغرض إلحاق الأضرار بالقضية الكبرى للشعب الكوردي أو إستغلالهم من قبل طرف لتحقيق سبق أو خرق على حساب طرف الآخر، من خلال إستمالته...فإن الوقت لم يفت بعد وقد حانت لحظة الحقيقة والمواجهة وإن الظروف الحالية مؤاتية جداً في سبيل تحطيم شبكات ودوائر الفساد وإبعاد المتسلقين الأنتهازيين من دوائر المسؤولية ومنعهم من إلحاق أضرار أكبر بنضال هذا الشعب الذي أراق دماً ملئه الوديان والسهول في سبيل تحقيق حريته، وليس هناك اليوم ما يمنع أو يحول دون ذلك ... ومهما يكن درجته أو مكانته... وإلا سوف نقرأ على أنفسنا السلام....